في رحلة البحث عن الدفء، يدفع كثيرون حياتهم ثمنا للقاتل الدافئ الخفي في الليالي الباردة، إنهم موتى الشتاء. يحذر مختصون من وسائل التدفئة الطبيعية والإهمال والرعونة في استخدام الفحم والحطب التي تنتج غازات سامة لا يدركه غالب الناس، إنه أول أكسيد الكربون (Carbon monoxide CO)، لا لون له ولا طعم ولا رائحة، لذلك لا يدرك الشخص أن السم القاتل موجود معه في الغرفة ذاتها.
وتشهد أجواء المملكة حاليًا موجة برد وانخفاضا كبيرا في درجات الحرارة على معظم المناطق، ما يسهم في زيادة اللجوء إلى وسائل التدفئة التي تنتج الغاز المسبب للوفاة في فترة بسيطة عند التعرض له بكميات كبيرة وفي مساحات مغلقة سيئة التهوية كغرف النوم أو الخيام المغلقة. ويشهد الشتاء في كل عام زيادة في حالات الوفاة على يد «القاتل الخفي» الذي يتسرب للأجساد. وينبه استشاري طب الطوارئ والسموم بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية الدكتور محمد الهليل من خطورة القاتل الخفي والغامض، فإشعال الحطب والفحم في المنازل والأماكن المغلقة دون وجود تهوية تسبب في سقوط ضحايا، مؤكدًا أن الأخطر هو النوم بجوار أدوات التدفئة الطبيعية، فالغازات التي تنتج من احتراق الفحم أو الحطب تنتج غاز أول أكسيد الكربون، فهو غاز سام عديم الرائحة وعديم اللون، وليس له أي عامل إنذار، وينتج من الاحتراق غير الكافي للفحم أو الحطب في مكان مغلق، وإذا تجمَّع الغاز السام في مكان مغلق يتسمم منه الشخص دون أن يشعر، وتحدث له أعراض غير واضحة، يجهل سببها، كالدوار والغثيان والصداع، موضحًا أن الأماكن المفتوحة وذات التهوية الجيدة ليس فيها خطورة.
استشاري طب الطوارئ والسموم الدكتور محمد الهليل روى لـ «عكاظ» حادثة عائلة نجا بعض أفرادها في آخر لحظة من القاتل الخفي، فيما دفع الباقون حياتهم ثمنا. وبيّن أن الأسوأ هو نوم الشخص جوار هذا الغاز السام، ولاسيما إذا كان كبيرًا في السن أو طفلاً أو رضيعًا؛ فقد يؤدي إلى الوفاة أثناء النوم، موضحًا أنه بارتفاع غاز أول أكسيد الكربون بنسبة عالية في الجسم ينخفض مستوى الوعي، ويدخل الشخص في الغيبوبة والوفاة.
وفي هذا الجانب قدمت المديرية العامة للدفاع المدني نصائح مهمة عند استخدام الفحم أو الحطب للتدفئة في المنازل في فصل الشتاء، مع تدني درجات الحرارة، لتفادي حالات الاختناق أو حدوث الحرائق.
وشددت على ضرورة عدم إشعال الفحم والحطب داخل المنزل، وتهوية المكان منعا لحدوث الاختناق، وإبعاد الأثاث والمواد القابلة للاحتراق عن النار، ومنع الأطفال من الاقتراب أو العبث بها، وإطفاء الحطب عند الخروج من المنزل وعند النوم.
وحذر الدفاع المدني من خطورة التدفئة بالفحم أو الحطب والتي تستخدم بكثرة في الأجواء الباردة، كونها تنتج «غازا ساما» لا يدركه الكثير من الناس ولا يشعرون به مباشرة لأنه لا لون له ولا طعم ولا رائحة، يُعرف بأول أكسيد الكربون، وهو مميت، داعية إلى الأخذ بتدابير السلامة عند استخدام الحطب أو الفحم وسيلة تدفئة، وإشعالهما خارج المنزل وعدم إدخالهما حتى يتحولان إلى جمر، مع ترك النوافذ مفتوحة لتلافي حدوث اختناق.
الخبير الأمني اللواء سالم المطرفي أكد خطورة التساهل والإهمال عند استخدام وسائل التدفئة المختلفة من حطب أو فحم وحتى الأدوات التي تستخدم الديزل أو الكيروسين والغاز، مشيرًا إلى ضرورة معرفة الاستخدام الصحيح لتلك الوسائل.
وبين المطرفي كيفية النجاة من نواتجها عبر التهوية الجيدة والكافية للموقع الذي تستخدم به، والالتزام بتوصيات الشركات المنتجة له بكيفية الاستخدام الصحيح لها، وإبعاد الأثاث عنها وتفقدها من فترة لأخرى، وعدم استخدام شوايات الفحم أو أدوات الشواء داخل المنزل، إذ يؤدي ذلك إلى انبعاث أول أكسيد الكربون داخل المنزل أو الخيمة.
رحيل مفاجئ.. ونجاة
افتحوا النوافذ